النهاردة وأنا سايق على كوبري أكتوبر بزحمته وحفره والعربية عمالة تتهبد وتترزع وكأني هنادي في فيلم دعاء الكروان راكبة الجمل وخالها هيقتلها ويتاوي عاره خدت بالي من إعلان قناة جديدة: mbc مصر. فجأة وبدون مبرر حسيت ببهجة شبه الإحساس اللي كنت بحسه ساعات وأنا صغير. سعادة فيها شيء من البلاهة واللي أنا متأكد منه إنها مالهاش مبرر. وايه يعني لما mbc تعمل قناة وتسميها مصر؟ خلاص يعني مشاكلنا هتتحل؟ ومرسي والإخوان والدستور والتأسيسية والنائب العام والفساد والرشاوي والتعليم والزحمة والغلا والبلطجية والزبالة والبنزين والسولار وقلة الأدب والفقر والشتا اللي مش راضي ييجي والناس اللي شمتانة في أمريكا ووجدي غنيم وألفاظه و....
لاقيت نفسي بدون أي مجهود بضحك ببلاهة وبصوت عالي وبقول لنفسي "أنا بحب مصرأوي" اللي ضحكني كذا حاجة منها إن لو كان في حد من سنتين بالظبط قاللي إن في يوم من الأيام هبقى سايق عربيتي في عز الضهر وفي عز الزحمة وبقول إني بحب مصر أكيد كنت هفشخه بالصوت والصورة. أنا اللي كان كرهي للبلد دي جزء من هويتي وكنت بعمل marketing campaign بنت لذين للكره ده. أنا اللي سافرت ولفيت وعشت في أوروبا. أنا اللي شايف كل الحاجات اللي تخلي الكره مبرر أكتر من الحب. أنا بقول إني بحب مصر وأوي كمان؟
أيوة أنا كل ده ومصر كل ده وبحبها ومش عارف ليه. أكيد مش عشان الحضارة والتاريخ ولا النيل ولا أهلها الطيبين ولا شبابها الجدعان ولا خفة الدم عشان كل ده مايفرقش معايا كتير. أكيد مش عشان المباني ولا التلوث والزبالة والحر والتراب والفساد والثورة اللي اتسرقت والحكومة الهزيلة والتدين الغبي والتعليم اللي قلته أحسن والزحمة والعشوائية لأني شفت أجمل وأرقى بلاد في العالم وحلمت إني أفضل هناك ومارجعش. أكيد مش عشان فيها أهلي وأصحابي وذكرياتي لأني مش بربط كل ده بالمكان. وأكيد مش تعلق عاطفي ولا انتماء لأني عمري ما حسيت إن مصر أمي ولأني من الكافرين بفكرة إننا عمرنا ما بنكره أهلنا. طب إيه؟ مش عارف ومش عايز أعرف.
طول عمري كنت بقول إن الحب الحقيقي هو لما تحب حد وأنت مش عارف بتحبه ليه يعني من غير ما يكون عندك أسباب وواحد اتنين تلاتة ومنطق وعقلانية للحب ده. وكمان لما تكون شايف كل عيوبه وبتضايق منها كمان بس برضه بتحبه بمنتهى الهبل. بتتخانق معاه وبتزعل منه بس برضه بتحبه وضعيف قدامه وقدام أقل حاجة يقولها أو يعملها حتى لو كانت نظرة ضعف واحتياج طلعت غصب عنه أو بحة في صوته وهو نفسه يقولك إنه آسف بس كرامته مكتفاه أو حتى ابتسامة نورت وشه وانت عارف ان الابتسامة دي مابتجيش غير معاك. لما يبقى بيزعلك وهو عارف ومتأكد انك هتسامحه وهيرجع يزعلك تاني بحاجة مختلفة وبرضه هتفشخه وترجع تسامحه ماهو لو انت ما استحملتوش مين هيستحمله؟ ساعتها تبقى بتحبه بجد.
وفي الآخر توصلت للنتيجة اللي بتقول إني بحب مصر بدون أسباب ومبررات و مش هحاول أدور على أسباب وألاقي مبررات وأخلي عقلي يتدخل. خليني أحبها لما أشوف آخرتها.