Sunday, December 25, 2011

ردا على مقال الدكتورة لميس جابر

قرأت مقالة الدكتورة لميس عدة مرات وهذا هو ردي عليها وسوف أحاول أن أرسله لها ربما أهدأ بعض الشئ مما أنا فيه:
الدكتورة لميس ، قرأت مقالك بعنوان فلتسقط حقوق الإنسان. ناهيك عن عنوان المقال المستفز والذي قد يعد تهمة يعاقب عليها القانون في بعض الدول ولكن دعينا من هذا فنحن في مصر نتكلم عن بلادنا وأهلنا وليس عن أي بلد آخر.
إسمحي لي أن أقتطع بعض الجمل من المقال وأناقشك فيها بدون كلمات رنانة ولا إلقاء تهم ولا تخوين ولا ادعاءات، فأنا شاب مصري أحب بلدي وأرجو لها الخير حتى لو كان هذا الخير يناقض أفكاري ومبادئي.
ما حدث في الأسبوع الماضي في منطقة مجلس الوزراء ومجلس الشعب والذي أسفر عن مكسب حضاري رائع وهو حرق (المجمع العلمي) الذي هو أحد الكنوز المعرفية النادرة ليس علي مستوي العالم العربي ولكن علي مستوي العالم كله
إسمحي لي بالتساؤل عن مصدر تلقيب المجمع العلمي بأنه أحد الكنوز النادرة على مستوى العالم كله. وإذا كان بهذه الأهمية لماذا لم نسمع عن وجوده قبل حرقه؟ وماذا فعلت الدولة للحفاظ على هذا الكنز في السنوات الماضية وقبل الثورة؟ كم رحلة مدرسية اصطحبت أطفالنا لرؤية هذا الكنز؟ كم زائر أجنبي قرأ عنه في الكتب الأجنبية التي يحملها السياح ليعرفوا منها كنوز مصر؟ هل قامت الدولة بأي مشروع لترميم وتحديث وتطوير و أعادة إحياء والتعريف بأهمية هذا الكنز؟ أعرف مثلا أن المتحف المصري أحد كنوزنا بالرغم من حالته الرثة! أعرف أيضا المشروع الضخم لإاعادة إحياء قصر البارون لأنه أحد التحف المعمارية. أعرف عن تجديد شارع المعز وترميم المساجد القديمة وغيرها أما المجمع العلمي فعذرا لجهلي ولكني لم أسمع عنه إلا بعد حرقه علما بأني أحد المهتمين بالأدب والفكر والتاريخ والأثار. ولكن دعينا من إلقاء كل العبء على الدولة واسمحي لي أن أسألك ماذا فعلت أنت لهذا الكنز وأنت الكاتبة الكبيرة والشهيرة بعشقها لتاريخ مصر وتناوله في أعمالك. لم أسمعك تتحدثين عنه. لم أسمع أنك طالبتي الدولة بالحفاظ عليه أو ناديت بمبادرة لاستعادة مكانة هذا الكنز وتعريف أبناء بلدي البسطاء بأن في بلادهم كنز لم يسمعوا عنه. ربما لو عرف أخوتي البسطاء بأهمية ما في بلادهم لما إحتجنا لثورة ولا لإطاحة برئيس. عذرا دكتورة لميس لا يعنينى المبنى في شيء فالكثير من آثار بلادي والتي صنعها أجدادي بأيديهم تعرض في المتاحف في أوروبا وأمريكا ولا نملك الحق في استردادها. الكثير من هذه الكنوز تمت سرقتها و الكثير أعطى على سبيلالهدايا و الأكثر علمه عند الله ولكن كل هذه الكنوز صنعها مصريون ولا قيمة لها في نظري دون صانعيها. كنوز مصر ليست في آثارها ولا مبانيها ولا حتى أهرامها فكل هذا سيفنى بشكل أو بآخر. كنوز مصر الحقيقية هي أهلها فهم وحدهم القادرين على صناعة الكنوز و بالتالي أرواحهم ودماؤهم وكرامتهم وشرفهم أغلى من أي مبنى وأية مخطوطات.
بعد هذا الانجاز الثوري حاولت الفتاة ذات العباءة المفتوحة (أم كباسين) عمل نوع من الاستعراض و(الإستربتيز) حتي تنهمر الكاميرات فوق ملابسها الداخلية ليصبح جندي الجيش المسكين هو السفاح الذي يهتك الأعراض ويسحل النساء في الشوارع..
إسمحي لي أن أسالك كم قضيت من الوقت في جمع الحقائق عن الملك فاروق قبل الشروع في كتابة المسلسل الشهير الذي أعجب الملايين؟ كم قضيت من الوقت في تقصي حقيقة الفتاة التي تتحدثين عنها بلهجة مهينة وتطاولت عليها بلفظ أخجل من استعماله أما أبي وأمي أخواتي وصديقاتي البنات؟ هل تأكدت من أنها حاولت عمل هذا الاستعراض بالفعل حتى تنهمر الكاميرات فوقها؟ هل تأكدتي أن الجندي مسكين بالفعل. لن أقوم بالدور الذي قمتي به في إصدار الأحكام وإلقاء التهم فأنا رجل أخشى الله وأدع له الحكم على ما في نوايا البشر وأنا هنا أطرح أسئلة فقط.
يا مجلسنا العسكري في أي بلاد العالم النايم والقايم والمتحضر والمتخلف يسمح لبعض الصبية مدمنين (الكوللة) وأطفال الشوارع ومحرضيهم من جماعات ابريل ومايو ويونيو بالاعتصام ونصب الخيام والرقاد أمام مدخل مجلس الوزراء ومجلس الشعب؟
أعتقد أنه لا يخفى على كاتبتنا الكبيرة أن البلاد لا تقارن بهذه الطريقة. ولكي تكون هناك مقارنة منصفة علينا السفر عبر التاريخ لعشرات السنين حتى نستعيد الأحداث وعلينا تحديد الهدف من المقارنة حتى لا ننجرف فيها بلا هدف. أود فقط أن أقول أنه نعم من حق أي شعب أن يعتصم بكل فئاته ولكل فئة ثقافتها وطريقتها. شعبنا يا سيدتي ليس بمستوى شعوب أوروبا وأمريكا. شعبنا يعاني الفقر والجهل وعدم وجود رعاية طبية وعدم الحصول على حياة آدمية. نحن نتحدث عن مصر يا دكتورة وهؤلاء الأطفال الذين يشمون الكولا والذين تتحدثين عنهم بتعالي مؤلم هم أبنائي وإخوتي الصغار ولا ذنب لهم فيما وصلوا إليه من حال يثير تعالي البعض. هل تودين المشاركة في بعض الأنشطة التي تساعد هؤلاء الأطفال حتي يصبحوا مثلي ومثلك؟ أعرف الكثير ممن يعملوا في مثل هذه المبادرات وسيسعدهم التعاون معك.
وكل هذا ومازال المجلس يخشي منظمات حقوق الإنسان وإذا كان لا يعلم فهذه المنظمات هي السلاح الذري الجديد المصمم خصيصاً للناس اللي زينا يا سادة التاريخ لن يسامح الضعفاء.. ولتذهب حقوق الإنسان إلي الجحيم.
لم أرى في الأحداث الماضية أن المجلس يخشى حقوق الأنسان وإلا ما كان حدث كل ما حدث. وبالفعل التاريخ لن يسامح الضعفاء ولهذا نهض أبناء مصر وبناتها للثورة المطالبة بإسقاط الظلم ومات منهم الكثيرون وسالت الدماء وفقدنا الأرواح والأعين والأطراف. لا يا دكتورة لسنا ضعفاء ولن نتوقف عن المطالبة بالعدل فمصر كنوزها هي نحن وأجيال ستأتي من بعدنا. الوطن يا سيدتي هوالبلد والأهل فالأوطان لا تصنع نفسها والحضارة لا تولد بنظرية التوالد التلقائي ونحن في أول خطوات الحرية كطفل يحبو محاولا أن يتعلم المشي. سيسقط كثيرا وسيخطئ كثيرا. سيقع ويبكي ويسخط ويسب الزمان والدنيا. ولكنه سيصل إلى ما يريد فالشعوب تمرض وتخطئ وتضعف ولكنها أبدا لا تموت. لن تموت كنوز مصر فنحن كنوزها.

No comments: