Sunday, February 03, 2013

لماذا "بِريود"؟


بِريود كلمة إنجليزية تعني فترة زمنية. والكلمة لها أصل يوناني من كلمة "بِريودوس" وتعني الزمن. وفي علم اللغويات Linguistics كلمة "بِريود" تعني النقطة التي توضع في آخر الجملة لتدل على نهايتها. أما في العصر الحديث فقد صارت الكلمة تُشير إلى الدورة الشهرية، والتي تُعَد من أكبر التابوهات في عالم النساء. وكعادتنا حين نود إضفاء شيء من التقبُّل إلى غير المُتقبَّل دخلت كلمة "بِريود" إلى عالمنا الناطق بالعربية لوصف تلك الأيام.


وفي الحضارات القديمة لم تكن الدورة الشهرية من الأسرار، بل كانت واضحة للجميع كجزء أساسي من أنوثة المرأة التي ارتفعت إلى منصب الإلهة، وحكمت البلدان، واستحوذت على مكانة شديدة العلو كساحرة أو حكيمة أو عرَّافة. أما أيام النزيف في الدورة الشهرية فكانت فترة مُقدَّسة sacred time أحيطت بهالة من الإجلال، كهِبة أو مِنحة من الطبيعة أو من الآلهة للمرأة، تتسم بنشاط رُوحاني وقدرة عالية على التواصل مع الطبيعة أو الآلهة. وكان يصحب بلوغ الفتاة ونزول أول قطرات من دمائها الكثير من الاحتفالات لوصولها إلى هذه المرحلة المتطورة من الحياة.
 

ثم جاءت الأديان السماوية تحمل فكرة الإله الواحد الذكر ذي السُّلطة الأبوية المطلقة، وحرمت المرأة من ذلك التقديس لطبيعتها كأنثى. فالله مذكر، والأنبياء والرُّسل والعلماء والمفسرون رجال، والمرأة لا تصلح لهذه الأعمال، فهي الأضعف جسمانيًّا، وهي العاطفية متقلِّبة المزاج المفتقدة للعقلانية، وهي مصدر الفتنة للرِّجال، فهي الزانية إذا فاح عطرها أو بدت زينتها للعالم، وهي التي خُلِقَت من ضلع أعوج وحملت عبء الخطيئة الأولى فتعاونت مع الشيطان على غواية آدم ليأكل من الشجرة المحرمة ويطرد من الجنة، فكان أكثر اهل النار من النساء. ثم أضافت الأديان السماوية أعباءا نفسية إلى أيام النزيف، وكأن عبء الألم الشديد لا يكفي فتم إلصاق تهمة النجاسة إلى المرأة في هذه الأيام، وتم فرض عزلة دينية واجتماعية أضافت إلى العزلة النفسية والإحساس بالخجل والقذارة آلاما تفوق ألم النزيف.


ثم انتقلت الفكرة في سلاسة شديدة إلى مجتمعاتنا الذكورية التي تمجد الخجل في النساء وتنتقده في الرجال. أصبحت تلك الفترة تابوه ليس من الممكن الاقتراب منه، فيجب أن تخفيه البنت عن أبيها وأخيها بل وقد تخفيه عن زوجها إذا أمكن. فتم فرض ذلك الحصار التاريخي على هذه الأيام لتتألم المرأة في صمت. ولكن صمت المرأة يتحول إلى صخب داخلي يختفي عن أسماع العالم ويدوي فقط في جنبات النفس ليصبح صمتا أنثويا صاخبا لا يسمعه الرجال.

    في هذه المجموعة تخلَّيت عن كل ما يميز الرجال واقتربت في حذر من ذلك العالم الخفي الغامض، واستمعت واستمتعت بهذا الصخب.

 

7 comments:

Anonymous said...

حسبي الله ونعم الوكيل فيمن كتب هذا الكلام

Unknown said...

What a rich knowledge.. i love the book and wish u all the best my dear :)

Anonymous said...

أستاذ محمد

اسمحلي أحييك على المجموعة الرائعة والعنوان الجريء وأشكرك لأنك استطعت أن تنفذ إلى أعماق الأنثى المجبرة على الصمت.

أثار كتابك مشاعري ولمستني كل قصة بشكل مختلف. أحببت رومانسية البطلة في كونسرت وتعاطفت مع بطلة صمت الجدران وغضبت من استسلام البطلة في صورة وشعرت بكبت البطلة في لوح ثلج وكرهت الزوج في ضغط منخفض وشعرت بكل ما شعرت به البطلة في نقطة وضحكت كثيرا في نصيب وأحببت الزوج في بريود وبكيت مع حرمان البطلة في أمنية وأثارت بطلة نافذتان غيظي الشديد وبكيت مرة ثانية في اليوم الأول وأثارت بطلة غير مرئي مشاعر قديمة بداخلي وشعرت بكآبة شديدة مع شرفة وذكرتني لعنة وحلم بتجربة مشابهة وتحطم قلبي مع لوعة الأم في قلب فارغ (لم يعجبني العنوان) وأبحرت في عمر بطلة سفينة بلا شراع أما شباك قديم فهي ملكة القصص. تحية إليك وإلى إبداعك أيها الرقيق

Anonymous said...

What computer brands enable you to build your own computer?



Feel free to surf to my blog: vaginal Mesh Lawyers

Marwa said...

فالله مذكر، والأنبياء والرُّسل والعلماء والمفسرون رجال،

زميلى العزيز محمد
ان الله ليس بذكر ولا انثى فهو منزه عن هذه الصفات الانسانية اما عن المفسرون فالسيدة عائشة رضى الله عنها خير دليل، اما عن الشجرة و الغواية و الشيطان فقد قال تعالى فى كتابه العزيز (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) ،
كان الخطاب بصيغة المثنى لم يكن موجها لادم وحدة ولا حواء وحدها

Unknown said...

نادرا لما بكتب تعليق على كتاب قرأته ..
اولا كان عندى اعتراض انك دخلت الدين من ضمن الحاجات اللى بتمنع المرأة عن حريتها .. أى حاجة الدين حرمها على المرأة ده فى مصلحتها .. كان لازم تركز اكتر على المجتمع اللى هو السبب الأكبر فى عدم منح المرأة حريتها الكاملة ..
ثانيا الكتاب صغير و ده حاجة شجعتنى انى هقعد اقراه علطول و اخلصه فى ساعة على الأقل بس وجدت ان قصص كثيرة من وجهة نظرى ليس لها معنى او جدوى و كانت من ضمنهم اول قصة التى جعلتنى اشعر بالندم على شرائى هذا الكتاب و لكن بعد ما قرأت ثالث قصة وجدت ان الكتاب اصبح ممتع الى حد ما و لكن عاد الى الشعور بالملل فى بعض القصص
ثالثا يوجد أكثر من قصة فى الكتاب لما سمى بهذا الأسم او لماذا لم تطلق عليه فقط (صمت انثوى صاخب) ..مع ان هذه القصة لم تكن من احسن القصص فى هذا الكتاب
رابعا كنت اود ان كتاب يحمل هذا الاسم الجرئ ان يكون قصة واحدة او مخاطبة للقارئ
خامسا بعض القصص الذى تتحدث بها عن شعور المرأة من اين لك ان تعرف ما تشعر به المرأة هل من امرأة افصحت لك عن هذه المشاعر ؟
سادسا و آسفة جدا على الاطالة ولكن ما هو دليلك ان حوا هى من جعلت آدم يخرج من الجنة هل هناك آية او حديث ينص بهذا ؟

Anonymous said...

استاذ محمد،
بحب هنيك ع هالكتاب يللي على ما اعتقد اخد ضجة بين كتير عالم و و خلاهن يأدمنو ع هيك قصص خصوصا انو كتاب حضرتك بيخلي الواحد يتأثر مع كل بطل و بطلة بهل قصص