Wednesday, October 31, 2012

ليه أنا بحبك؟

النهاردة وأنا سايق على كوبري أكتوبر بزحمته وحفره والعربية عمالة تتهبد وتترزع وكأني هنادي في فيلم دعاء الكروان راكبة الجمل وخالها هيقتلها ويتاوي عاره خدت بالي من إعلان قناة جديدة: mbc مصر. فجأة وبدون مبرر حسيت ببهجة شبه الإحساس اللي كنت بحسه ساعات وأنا صغير. سعادة فيها شيء من البلاهة واللي أنا متأكد منه إنها مالهاش مبرر. وايه يعني لما mbc تعمل قناة وتسميها مصر؟ خلاص يعني مشاكلنا هتتحل؟ ومرسي والإخوان والدستور والتأسيسية والنائب العام والفساد والرشاوي والتعليم والزحمة والغلا والبلطجية والزبالة والبنزين والسولار وقلة الأدب والفقر والشتا اللي مش راضي ييجي والناس اللي شمتانة في أمريكا ووجدي غنيم وألفاظه و....

لاقيت نفسي بدون أي مجهود بضحك ببلاهة وبصوت عالي وبقول لنفسي "أنا بحب مصرأوي" اللي ضحكني كذا حاجة منها إن لو كان في حد من سنتين بالظبط قاللي إن في يوم من الأيام هبقى سايق عربيتي في عز الضهر وفي عز الزحمة وبقول إني بحب مصر أكيد كنت هفشخه بالصوت والصورة. أنا اللي كان كرهي للبلد دي جزء من هويتي وكنت بعمل marketing campaign بنت لذين للكره ده. أنا اللي سافرت ولفيت وعشت في أوروبا. أنا اللي شايف كل الحاجات اللي تخلي الكره مبرر أكتر من الحب. أنا بقول إني بحب مصر وأوي كمان؟

أيوة أنا كل ده ومصر كل ده وبحبها ومش عارف ليه. أكيد مش عشان الحضارة والتاريخ ولا النيل ولا أهلها الطيبين ولا شبابها الجدعان ولا خفة الدم عشان كل ده مايفرقش معايا كتير. أكيد مش عشان المباني ولا التلوث والزبالة والحر والتراب والفساد والثورة اللي اتسرقت والحكومة الهزيلة والتدين الغبي والتعليم اللي قلته أحسن والزحمة والعشوائية لأني شفت أجمل وأرقى بلاد في العالم وحلمت إني أفضل هناك ومارجعش. أكيد مش عشان فيها أهلي وأصحابي وذكرياتي لأني مش بربط كل ده بالمكان. وأكيد مش تعلق عاطفي ولا انتماء لأني عمري ما حسيت إن مصر أمي ولأني من الكافرين بفكرة إننا عمرنا ما بنكره أهلنا. طب إيه؟ مش عارف ومش عايز أعرف.

طول عمري كنت بقول إن الحب الحقيقي هو لما تحب حد وأنت مش عارف بتحبه ليه يعني من غير ما يكون عندك أسباب وواحد اتنين تلاتة ومنطق وعقلانية للحب ده. وكمان لما تكون شايف كل عيوبه وبتضايق منها كمان بس برضه بتحبه بمنتهى الهبل. بتتخانق معاه وبتزعل منه بس برضه بتحبه وضعيف قدامه وقدام أقل حاجة يقولها أو يعملها حتى لو كانت نظرة ضعف واحتياج طلعت غصب عنه أو بحة في صوته وهو نفسه يقولك إنه آسف بس كرامته مكتفاه أو حتى ابتسامة نورت وشه وانت عارف ان الابتسامة دي مابتجيش غير معاك. لما يبقى بيزعلك وهو عارف ومتأكد انك هتسامحه وهيرجع يزعلك تاني بحاجة مختلفة وبرضه هتفشخه وترجع تسامحه ماهو لو انت ما استحملتوش مين هيستحمله؟ ساعتها تبقى بتحبه بجد.

وفي الآخر توصلت للنتيجة اللي بتقول إني بحب مصر بدون أسباب ومبررات و مش هحاول أدور على أسباب وألاقي مبررات وأخلي عقلي يتدخل. خليني أحبها لما أشوف آخرتها. 

Tuesday, October 30, 2012

الشماتة اختراع عربي

الشماتة في مفهومها البسيط هي الشعور بلذة وسعادة حين تصيب خصمك أو عدوك أو أي إنسان تكرهه مصيبة أو كارثة. في الأغلب تكون المصيبة قدرية يعني دون أن يكون لك يد في حدوثها كحادثة سير مثلا أو كارثة طبيعية  لأن لو كان لك يد في حدوثها ستكون تلك السعادة تشفي ولذة الانتقام وبالتالي فهي ليست شماتة. والشماتة غالبا شعور يصيب الضعفاء أو الغير قادرين على إلحاق الأذى بمن يكرهون ولهذا يسعدون حين تحدث المصيبة دون أن يكون لهم يد فيها فما أروع الأشياء الممتعة التي تأتي دون جهد. وطبعا بما أن الحادثة أو المصيبة قدرية فالله هو المسئول عنها. والله عادل فهو لا يلحق المصائب إلا بالكفار الذين يستحقونها.
 
دارت كل هذه الأفكار في رأسي المسكين وأنا أتصفح الفيسبوك لأجد الآلاف ممن ينفثون كلمات الشماتة والسعادة الكريهة بما يحدث لأمريكا من أضرار بسبب كارثة الإعصار ساندي. إعصار... كارثة طبيعية شهدت الأرض مثلها آلاف المرات. ولكن حين تصيب هذه الكارثة أمريكا رمز الظلم والكفر فالشماتة رد فعل طبيعي للشعوب المقهورة سواء كان هذا القهر مصدره الحكام الذين أصبحوا مثالا يدرس للحكام السيئين أو بسبب التشبث بطبقات واهية من التدين السطحي حيث فكرة الإله المنقم الجبار الذي سيتدخل في اللحظة الأخيرة لينقذ أتباعه المؤمنين من الكفار الفجار ويصيبهم بالفناء.
 
أخرجت غضبي وإحباطي في بضعة سطور على صفحتي قلت فيها: "
كالعادة ناس كتير شمتانة في اللي حصل لأمريكا وده بيؤكد عدة حاجات أهمها إن في ناس مصرة تتشبث بالكراهية بشكل مرعب. لفت نظري كذا حاجة منها كمية الآيات والأحاديث اللي بيستند ليها البعض عشان يبرر شماتته وطبعا المفروض إن اللي يقرا الكلام ده يفضل مؤمن بسماحة الإسلام وبروعة الرسول وبربنا الرحمن الرحيم. لفت نظري كمان أحد التعليقات اللي بيقارنوا بيها الإعصار وإن في أطفال وناس أبرياء ماتوا بعقاب ربنا لقوم لوط
 بتدمير القرية اللي كان فيها الناس دول وإن أكيد كان فيها نساء وأطفال مالهمش زنب بس دي حكمة ربنا وطبعا كل واحد بيتحول للمتحدث الرسمي عن ربنا والرسول والإسلام. ويبقى السؤال الأبدي: بذمتكوا لسة مستغربين ليه الناس بتلحد وليه في إسلاموفوبيا؟ كان نفسي سارتر يكون عايش في الأيام دي عشان يعيد صياغة مفهوم العبث والجحيم والغثيان والذباب و..... ويموت الكلام.... من الأفضل أن يموت الكلام ف"ما فائدة أن تكون نقطة من العسل في بحر من الذباب؟ سيفنى العسل ويبقى الذباب" ... ويبقى الذباب. "

 

طبعا هناك من اعترض على انتقادي للإسلام واعتبر ماقلت تشجيع للكفر والإلحاد. وهناك من أخذ عناء الرد ليدافع عن الإسلام ونبيه وإلهه بأسهل مقولة وهي أن الإسلام بريء من هؤلاء لأنهم مسيئين للإسلام ولا ينتموا إليه. وطبعا نلاحظ هنا النبرة التي تظهر دائما حين تظهر مثل هذه الأفعال وهي إبعاد التهمة عن الأديان واستخدام نفس الطريقة التي يسمح بها بعض البشر لأنفسهم أن يقرروا ما هو الإسلام ومن هم المسلمون ويتحدثوا عن الله والرسول وكأنهم يحملون توكيلا يجعلهم المتحدثين الرسميين باسمهما.

 

مع توالي التعليقات وردي على بعضها وبعد أن قمت بالبحث عن ترجمة لكلمة شماتة في بعض اللغات الغربية كالإنجليزية والألمانية والفرنسية توصلت إلى نتيجة أن هذه اللغات ليس لديها كلمة محددة للشماتة بل هناك كلمات مشابهة تدور حول السعادة الشريرة لو ترجمت حرفيا. الشماتة إذن لفظ عربي لا يوجد له ترجمة في أشهر اللغات الغربية. هل الشماتة اختراع عربي؟

 

طبعا هناك من سيقول أن هذا من روائع اللغة العربية الشهيرة بكثرة مترادفاتها وتنوع الفاظها وما إلى ذلك من تعظيم. أليست لغة الإسلام وكتابه ونبيه؟ أليست لغة أهل الجنة؟

 

ومع استحضار العظيم سارتر تحضرني أيضا رائعة ألبير كامو "الطاعون" حيث يصيب مدينة وهران بالجزائر (المحتلة من فرنسا في ذلك الوقت) وباء الطاعون ويحصد الأرواح فيستغل رجل الدين (المسيحي) هذا الحدث في دعوة الناس للعودة إلى "حظيرة" الله فما الطاعون إلا عقاب الله لأخطائهم. ولكن عندما يصيب الوباء طفل صغير لم يدخل بعد في منظومة الخطأ والعقاب الإلهي كما تصورها الأديان يصبح موقف رجل الدين مشكوكا فيه أما حين يصيب الطاعون رجل الدين نفسه تسقط المنظومة بالكامل.

 

أتوقف عن الكتابة وأعيد قراءة ما كتبت فتزداد رساخة مفهوم  عبثية الوجود كما صاغها سارتر ورفاقه. أقرر التوقف عن الكتابة وأنا أحسد الذبابة التي تستمتع بارتشاف بقايا القهوة التي تركها فمي على حافة الكوب. هل تعرف أني أراقبها؟ هل يهمها أن تعرف؟

 

 


 

Monday, October 15, 2012

أمل


هناك

عند نهاية الطريق

ينتظرن

يضاجعن الليل

يحبلن بالأمل

يلدن الألم دون ألم