Tuesday, March 19, 2013

خوف

كنت خائفا.
أنتفض كومضات ضوء نجمة بعيدة حين اقترب مني.
أمسكت بالسلاح دون أن أترك خوفي. أطلقت عليه الرصاص قبل أن يراني.
قتلت شخصا.. ثلاثة أشخاص.. سبعة.. عشرة.. إثنا عشر.. ثمانية عشر..اثنين وعشرين.. ثم توقفت عن العد.
أقتل كمن ينفض حبات الرمل عن قدميه.
يتركني الخوف فقط حين أسمع صوت الرصاص ثم يعود حين يعود الصمت.
أتحسس سلاحي... إلهي الذي وهبني الحياة وأعطاني الطريق.
تذوب برودته في عرق يدي.
مازلت خائفا.

غرق

   تحتضنها برفق قبل أن تضعها في سريرها. تترك المصباح الصغير مضاءً ناشرا خيالات متفاوتة الأحجام على الجدران. تنظر إلى صورة الزفاف المعلقة على الجدار ثم تغادر الغرفة.

   تدخل الحمام حاملة ثلاث شمعات بنفسجية. تمزج الماء الساخن بالبارد. تتأكد من حرارة الماء بأطراف أصابعها ثم تفرغ زجاجة كاملة من الصابون بعطر الغابات الممطرة. تضيف القليل من ماء الورد وبضعة حبيبات من أملاح البحر الميت ذات اللون الأرجواني.

   تقف أمام المرآه ترقب جسدها الممتلئ. تتحسس ثدييها المنتفخين... تضغطهما ببطء فتنساب على جسدها قطرات السائل الدافئ ذي اللون الأبيض من ثديها الأيسر. تتحسس أثر جرح غائر في بطنها أشرف على الالتئام. تمر بأصبعها على المجرى الذي اقتطع في جلدها لتخرج منه تلك الحياة الصغيرة التي تكونت بداخلها، تدلكه برفق وتغمره بلزوجة السائل الأبيض. تحتضن بطنها بقوة محاولة أن تلملم ترهلات اللحم في جنبيها. تغمض عينيها وتنصت إلى هدير المياه المكتوم بفعل فقاقيع الصابون الآخذة في التكوين والنمو. ترى خيالات من صور لجسدها مشدود بلا ترهلات وبطنها مصقول بلا جرح.

   تضع الشمعات على أركان الحوض وتشعلهم. تطفئ النور وتجلس على حافة الحوض منتظرة سريان رائحة اللافندر في الهواء وامتلاء الحوض. تترك رائحة اللافندر النفاذة الممزوجة برائحة الغابات الممطرة تتخلل روحها. تغلق الصنبور فيغمرها الصمت. تراقب ضوء الشمعات الثابت. تحرر شعرها من أنياب المشبك الصغير فينساب على كتفيها.

   تجلس في الماء محتضنة ركبتيها. تعتاد سخونة الماء فتترك جسدها يسترخي مفرودا داخل الحوض. تغمرها المياه الساخنة وتسيل في اندفاع مرتطمة بالأرض في صخب. تتوقف للحظات منصتة وحين تتأكد من استمرار الصمت تنزل جسدها ببطء. يرتفع الماء حتى رقبتها. تلقي نظرة أخيرة على ضوء الشمعة البنفسجية وتأخذ نفسا عميقا ثم تغمر رأسها في الماء.

   تستقر في قاع الحوض. تمكث للحظات مستمتعة بشعور الدفء على وجهها. تسمع بكاء الصغيرة يخترق الباب المغلق ويتسلل إلى روحها. تذوب دموعها في الماء الساخن وتزيد من إطباق شفتيها. تسمع صوت باب الشقة يغلق بعنف بينما يعلو بكاء الصغيرة. تسمح للماء الساخن بالمرور عبر أنفها.