Sunday, December 18, 2011

حصل خير

زمان وأنا صغير في المدرسة كانت أقسى عقوبة ممكن أي ولد ياخدها انه يمد إيده على بنت مهما حصل. وكان دايما اللي بيمد إيده على بنت بياخد رفد نهائي وما كناش بنشوفه تاني.كنا لما بنقف الطابور كان بيبقى في طابور للبنات وطابور للأولاد ولازم كل الأولاد يستنوا لما البنات يطلعوا وبعدين إحنا نطلع. في الفصل كنا لازم نقعد ولد جنب بنت وبكدة نقدر نتعلم التعامل مع البنات بذوق. يعنى مثلا لو بنت جت متأخر لازم الولد اللي جنبها يقوم يقف أول ماتيجي. لما كان جرس الفسحة أو المرواح بيضرب كنا لازم نستنى لما البنات تنزل وبعدين ننزل. في المدرسة البنات دول كانوا حاجة غالية وليها معاملة خاصة جدا. زمان برضه وأنا صغير أهلي علموني أحترم إخواتي البنات اللي أكبر مني لحد التقديس ومهما عملوا في ما كانش مسموحلي أغلط فيهم أو حتى أعلي صوتي عليهم عشان هما إخواتي الكبار وعشان هما بنات. كنت لما بشوف خناقة في الشارع بين راجل وست بلاقي الست ممكن تكون بتضرب الراجل وهو مش بيرد عليها حتى بكلمة وبعد الخناقة ما تخلص الناس كلها بتحترم إنه ما مدش إيده على ست. من حوالي عشر سنين أو أكتر كنت ماشي في الشارع مش فاكر فين بس أعتقد إنه كان شارع عباس العقاد أو الميرغني وفجأة في عربية وقفت بسرعة وكان فيها ولاد شباب كتير وكان في دوشة وزعيق وفجأة باب العربية اتفتح واترمت منه بنت متبهدلة. طبعا أكيد فهمنا إيه اللي حصل أو اللي كان بيحصل بس الغريب إن ناس كتير اتلمت وحاولت تساعد البنت دي. أنا فاكر واحدة ست فضلت توضبلها شعرها وتمسح وشها وتعدل هدومها وكان في رجالة كتير حواليها اللي جايبلها مية واللي بيحاول يقومها واللي بيسألها ساكنة فين. مش فاكر كلام إتقال من الناس اللي واقفين ساكتين بيتفرجوا وأنا منهم طبعا غير لا حول ولا قوة إلا بالله. وكبرت... كبرت يا مصر وشفت كتير بنات وستات أجدع من ميت ألف راجل. كبرت وأنا مؤمن إن الستات دول حاجة كبيرة قوي وغالية قوي مش غالية يعني تستخبى بنقاب أو حجاب ومش بانها تقعد في البيت عشان تصون نفسها لا... طبعا لا... تنزل وتروح وتيجي وتشتغل وتسافر زيها زيي وزي أي راجل بس الأهم من كدة ان فضل جوايا نفس الاحساس ان البنات والستات ما يتلمسوش. تخيلوا بني آدم زيي ممكن يحس بإيه لما يشوف اللي بيحصل للبنات على إيد الجيش؟ وممكن يعمل إيه لما يلاقي الناس بتقول يستاهلوا وإيه اللي منزلهم مش عارف أقول إيه... جوايا غضب بس مش عارف من مين ومش عارف أطلعه على مين. على الجيش وكلابه اللي نهشت في اخواتي الولاد والبنات؟ في حكومة إمتداد مقزز لنظام كرهني في بلدي وخلاني أحلم باليوم اللي أتخلص فيه من كوني مصري وكأن النظام مات واللي بيحكمنا دلوقتي جثته المتحللة؟ على الناس اللي بتهاجم من غير ماتفهم وعمالة توزع إتهامات؟ على ناس بتتكلم بإسم أديان وهما أبعد ما يكونوا عنها؟ ده القرآن الكريم حذرنا من اننا نصدق أخبار من غير ما نتأكد إنها صح (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات : 6] وفي العهد القديم في سفر أيوب النبي لما الناس راحت تعزيه وفضلوا يلوموا فيه ويوعظوه إن ربنا عمل فيه كدة عشان هو إنسان سيء. طب والمسيح وقصته الشهيرة مع المرأة الخاطئة. مش عارف... مش عارف أقول إيه لناس فجأة غضبانة على مباني عمرها ما سمعت عنها ولا عن اللي فيها ولو كانت سمعت ما فكرتش تزورها ولا حتى تقول للناس عليها أكتر ما زعلانة على اللي ماتوا وفقدوا أرواحهم... عارفين يعني إيه إنسان يموت؟ يعني إيه أم تفقد أبنها؟ عارفين يعني إيه كرامة؟ أنا مش مصدق إننا محتاجين نفكر إنسان بحرمة الدم والروح والنفس. حاسس إني بقرا رواية من أدب العبث، وكأن كافكا وبيكيت و يونسكو قاعدين بيعملوا برين ستورم وبيرمولنا أفكار. أما بالنسبة للناس اللي ما اتهزتش من اللي حصل لإخواتي البنات اللي اتضربوا واتسحلوا واتعروا من جنودنا البواسل واللي بيلوموهم عشان نزلوا وبيقولوا فين أهلهم وفين اخواتهم وابهاتهم واللي بيقولوا مايتلموا في بيوتهم فدول ما أقدرش أصلا أوجه لهم أي كلام عشان للأسف ناس كتير مابتحسش بالجرح غير لما يبقى في جسمها أو جسم أقرب الناس ليها لكن طول ما هو بعيد عنها.... حصل خير...